قراءة فصول رواية الاب الغامض لاربعة اطفال

الاب الغامض لاربعة اطفال

قراءة فصول رواية الاب الغامض لاربعة اطفال

مقدمة

في عالم من الأسرار والخيانات تتشابك خيوط الماضي والحاضر في رواية الاب الغامض لاربعة اطفال للكاتبة باميلا ليونارد. تدور أحداث الرواية حول سارة التي تعود بعد غياب طويل في الخارج، تحمل قلبًا مليئًا بالغضب والحزن، وتسعى للانتقام من أختها التي مزقت حياتها سابقًا. وفي قلب هذه الأحداث، تثار التساؤلات حول هوية الأب الغامض الذي يخفي أسرارًا عن أبنائه الأربعة. فهل تتمكن سارة من كشف الحقيقة والانتقام؟ أم أن الحب والشفقة سيتغلبان على الرغبة في الانتقام؟ تغوص الرواية في أعماق النفس البشرية، وتنسج حكاية تشويقية تجمع بين الغموض والعواطف المعقدة، وتأخذ القارئ في رحلة مليئة بالمفاجآت.

قصة الأب الغامض لأربعة أطفال كاملة

قصة الأب الغامض لأربعة أطفال كاملة هي رواية مثيرة تحكي قصة سارة التي تعود إلى وطنها بعد سنوات من الغياب للانتقام من أختها إليزابيث التي خانتها في الماضي، تكتشف سارة أن أختها تعيش مع أربعة أطفال لا يعرفون هوية والدهم، فتبدأ في كشف أسرار الماضي المعقدة، ومع مرور الوقت تكتشف سارة أن الأمور ليست كما كانت تعتقد، وتبدأ في التساؤل عن الانتقام والغفران، تأخذ الرواية القارئ في رحلة عاطفية مليئة بالغموض، تجمع بين الحب والصراع الأسري، وتثير أسئلة عميقة حول العلاقات الإنسانية.

قراءة فصول رواية الاب الغامض لاربعة اطفال

الفصل الاول 1 روايه الأب الغامض لأربعة أطفال

"آه... " في اللحظة التي استيقظت فيها سارة فواز، شعرت وكأن جسدها ينهار من شدة الألم. ‏ كانت عارية تمامًا تحت الأغطية وبشرتها الشاحبة مليئة بالكدمات التي كانت كثيرة لدرجة أنها لم تستطع حتى النظر إليها. ‏ "ما هذا؟ ‏" فجأة، توارت في ذهنها ذكرى لمشهد مثير من الليلة السابقة. ‏ كانت قد دخلت الغرفة في حالة شبه فاقدة لوعيها عندما تم التحرش بها من قبل غريب، طوال الليل. ‏ لم يكن الرجل يهتم لصرخاتها واعتراضاتها بينما فعل ما فعل. ‏ ارتدت سارة ملابسها وغادرت السرير بأرجل مترنحة، مصممة على العثور على الوقح الذي سرق أعز ما تملك. ‏ 

لكنه اختفى عن الأنظار وكل ما وجدته في الغرفة كان قرطا من الفضة على شكل صليب ملقى على السرير. ‏ هل سقط لذلك الرجل؟ ‏وضعت سارة القرط في جيبها وكانت تستعد لمغادرة جناح الفندق عندما فُتح الباب  فجأة من الخارج. دخل طارق فواز، رجل يقترب من الخمسين في عمره، بعصبية وخلفه دخلت توأم سارة، يارا. "أبي، يارا..." شحب وجه سارة من فورها. "قلقنا عليك عندما لم تعودي إلى المنزل طوال الليل، وكنا نعتقد أن مكروها أصابك. من كان يعلم أنك كنت تتسكعين مع رجل في غرفة فندق؟" رفع طارق بسبابته موبخا ابنته، وكان صوته يرتفع في لومها. ‏ 

راحت يارا بدورها تعاتب هي أيضا: "لقد تماديت كثيرا هذه المرة يا سارة. كدنا نجن من البحث عنك أنا وأبي والعمة نورة." ‏ هزت سارة رأسها بقوة. ‏ "لا، لم أفعل شيئا." "ألا تستحين؟ هل رأيت كل تلك الآثار على رقبتك وأطرافك؟ وما زلت تجرئين على القول أنك لم تفعلي شيئا؟" ‏ "لقد خداعي يا أبي. حقا أنا لا أعرف كيف حدث كل هذا." عندما رأى طارق أن سارة مصرة على موقفها، أمسك بمنفضة السجائر التي كانت بجانبه وألقاها عليها. ‏ هز صوت الضربة  أرجاء الغرفة! ‏ وحتى قبل أن تستوعب ما حدث، تدفق الدم من جبهة سارة جراء الضربة من المنفضة حتى تسرب على وجهها. ‏ 

"لقد وافقت للتو على زواجك من السيد قدري. والآن انظري ما الذي فعلته فقدتِ شرفك، يا سارة. كيف لي أن أشرح له الأمر؟" لم تصدق سارة ما تسمع. "لقد قارب السيد قدري على الستين من عمره يا أبي، وتوفيت زوجاته الثلاث. ومع ذلك، ما زلت تريدني أن أتزوجه؟" ‏ "ما الخطب في ذلك؟ من الأجدر أن تشعري بالشرف لزواجك منه." حط طارق يده على كتف يارا بينما اعتلت خيبة الأمل نظراته. "لحسن الحظ، تتشابهين ويارا في المظهر فقط وليس فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي. تصرفك هذا أحرج العائلة بأكملها!" ‏ نظرت يارا إلى أختها باستهجان: "أبي، لا تنسى أنها نشأت في الريف. " أمام نظرة طارق الباردة ولامبالاة يارا، لم يسع سارة سوى الاستعجاب سرًا. عجبا، كيف لوالدي وأختي التصرف معي بهذه الطريقة! في هذه اللحظة، أدركت سارة أن جبهتها لم تكن العضو الوحيد الذي كان ينزف، وإنما كان قلبها ينزف هو أيضًا. 

مرت عشرة أشهر، وعلا صوت بكاء الرضيع الأول ثم الثاني. أنجبت سارة طفلين في شقتها التي كانت على أطراف المدينة. احتضنت يارا الرضيعين اللذين لا زلت الدماء تغطي أجسادهم، وألقت نظرة شرسة على أختها التي كانت مستلقية على السرير، منهكة بسبب الولادة. بصوت ضعيف تمتمت سارة: "أعيدي.. لي.. صغاري." وحاولت النهوض بالرغم من شدة الإعياء الذي جعل جسدها يتأرجح وابيض لون وجهها كالثلج. "أعيدهم؟ وهل يمكنك الاعتناء بهم حتى؟" أجابت يارا بسخرية. بصوت متقطع، هتفت سارة: "أ- أنتِ أختي... أختي من نفس الأم والأب! " حدقت بإمعان في ملامح الفتاة التي بدت نسخة طبق الأصل عنها. "لماذا... لماذا تفعلين بي هذا؟" "تلك المرأة هي أمك وحدك وليست أمي. أتذكرين عندما اختارت البقاء معك وتركتني وحدي في ذلك المنزل المليء بالوحوش؟ أين كنت، شقيقتي، عندما كنت أتعذب وحدي لسنوات؟" ابتسمت يارا ابتسامة جعلت جسد سارة يقشعر. 

"العالم يحتاج إلى شخص واحد فقط بهذا الوجه، وذلك الشخص هو أنا." "ما الذي تحاولين فعله؟" "سأحرقك حتى الموت." سكبت يارا البنزين الذي كانت قد أعدته مسبقًا في كل أنحاء الغرفة ثم أشعلت ولاعة وألقتها على الأرض قبل أن تغادر مع التوأمين. في غضون ثوانٍ، بدأت النار تنتشر بسرعة في جميع أنحاء الشقة. بعد الخروج من المبنى، نظرت يارا إلى ألسنة النار تتعالى من النوافذ ثم نظرت إلى الرضع الجدد في ذراعيها. قبل عشرة أشهر، التقت بخادم من خدم سامي سلطان عندما عادت إلى الفندق لإخفاء جميع أدلة الخطة التي حاكتها للإيقاع بأختها. حينها، أدركت أن الرجل الغريب في غرفة أختها تلك الليلة لم يكن الشاب الذي استأجرته وإنما كان سامي، أغنى رجل في بلدة حفيف. 

في خضم المفاجأة، توصلت يارا بسرعة إلى قرار بحيث ستقنع سامي بأنها الفتاة التي ضاجعها تلك الليلة. على كل، لا يمكن التفريق بينها وبين سارة للتطابق التام بينهما. ولطالما اختفت توأمها من على وجه الأرض، لن يعرف أحد أسرارها. أما التوأم الرضع، فأحتاجهم للتمكن من الاقتراب من سامي في المستقبل. "لماذا تبكيان؟ لو لم تكونا طفلي سامي لكنت تركتكما هناك أيضًا." ثم واصلت بعد وقت قصير: "لا علينا، بفضلكما، لن يستغرق الأمر طويلا قبل أن أتزوج في عائلة سلطان." دون علم يارا، التي كانت لا تزال غارقة في تخيلاتها لمستقبل زاهر كزوجة سامي، كانت سارة قد استخدمت كل قوتها للهروب من النافذة قبل أن تشتعل الغرفة كليا. بينما كانت تسير بعيدًا عن المبنى، شعرت فجأة بألم حاد مألوف يأت من الجزء السفلي من جسدها، تلاه صرخات ضعيفة. إذا، أنا لم أكن حاملا بتوأمين فقط... بيدين مرتجفتين، رفعت سارة طفلها الثالث والرابع. من أجلهم، سأتحمل كل الصعاب. شددت سارة عزيمتها بينما لمعت عينيها بكراهية شديدة. "يوما ما، سأستعيد كل ما سُلِب مني. "

الفصل 2 في المطار

بعد مرور خمس سنوات، كان هناك صبي صغير يرتدي بدلة زرقاء وقميصًا منقوشًا يجذب انتباه الكثير في الصالة الرئيسية لمطار حفيف الدولي.‏ كان شعره المتموج وملامحه الرائعة ورموشه الطويلة الملتفة للأعلى كالدمية يعطي الجميع انطباعًا بأنه سيكون فتى أحلام الكثير من الفتيات عندما يصبح شابًا. وبينما كان الجميع يتساءلون عن مدى جمال والدته، صرخت امرأة ذات أنف مسطح وشفاه غليظة ونمش متناثر على وجهها به: "هل اشتريت الكولا، يا حبيبي؟"‏ " نعم، اشتريتها، يا أمي."‏ وسخر جميع الموجودين عند سماع هذا. هل من الممكن أن يكون لدى هذا الصبي الوسيم امرأة قبيحة كهذه؟‏ منذ أن بدأت والدته بارتداء ذلك القناع التنكري القبيح، كانت مثل هذه المشاهد تحدث طوال الوقت؛ لذا اعتاد هاني فواز على هذا. مشى نحو سارة  وناولها مشروبها الغازي قبل أن يشرب بعض الماء.‏ 

"أمي، إلى متى تخططين لارتداء مثل هذا الشيء القبيح؟"‏ "هل تقول أنني قبيحة، يا حبيبي؟"‏ "بالطبع لا يا أمي، أنا فقط أخشى أن تشعرين بالاختناق عند ارتدائه لفترة طويلة."‏ "ليس لدي الحق في التعليق على مظهر أمي " كان هاني الأقل جاذبية عند المقارنة بأخيه الأكبر كريم وأمه سارة. وبالتالي، شعر بأنه ليس لديه الحق ولا الشجاعة حتى يعلق على جمالها الفاتن.‏ "من الجيد أنك تدرك قلة جاذبيتك، يا حبيبي."‏ كان المارة مذهولين تمامًا، هل هناك من يخطئ في معايير الجمال؟ الأم أقبح بكثير من طفلها. اندهشت سارة قليلاً وهي تراقب المدينة المألوفة والتي أصبحت غريبة الآن من خلال نوافذ المطار الممتدة من الأرض وحتى السقف.‏ لقد مرت خمس سنوات كاملة، حان وقت العودة وتسوية الأمور. 

وبينما كانت سارة غارقة في أفكارها، اصطدمت بها فتاة صغيرة جميلة وتعثرت قبل أن تسقط على الأرض.‏ عندما رأت ذلك، نزلت على ركبتيها مسرعة وساعدت الفتاة لتنهض.‏ "هل أنت بخير؟ هل أصبت نفسك؟"‏ تألقت عيون سالي وهي تحدق بشدة في سارة.‏ فهي لم تثير ضجة، بل نطقت فقط : "أ-أمي..."‏ صرخ هاني وهو يقول: " لا يجب أن تسمي أي شخص عشوائي بأمك، فإنها أمي أنا؛ فقد كان هاني  غيور جدًا على أمه".‏ تجاهلت سالي كلماتهُ ولفت ذراعيها حول سارة.‏ كانت سارة تشعر بقوة قبضتها كأنها تخشى فقدانها.‏ كانت  الغيرة تظهر على وجه هاني، ولكن بسبب نظرة سارة الحادة له وقف وهو على مضض وشرب مائه "هل فقدتٍ  والدتكِ؟ أين هي؟ سآخذكِ إليها، حسنًا؟"‏ هزت سالي رأسها بقوة، وبدت قلقة بعض الشيء. اعتقدت سارة أن الفتاة تشعر بعدم الأمان، فقامت بالمسح على وجهها. "ثقي بي، حسنًا؟ سأساعدك في العثور على والدتك."‏ لم تتحدث الفتاة البالغة من العمر خمس سنوات أو تصدر صوتًا من قبل.‏ 

ومع ذلك، فقد أعجبت بسارة فورًا منذ تلك اللحظة التي التقتا فيها وحتى إنها تمكنت من نطق كلمة أمي.‏ ولسبب ما، شعرت سالي برغبة قوية في الاعتماد عليها.‏ ومن ثم، واصلت العناد بأن تهمس لسارة: "أم... أمي..."‏ وعلى النقيض، فقد تفاجأت سارة بتصرفات الفتاة بينما شعر هاني بغيرة شديدة.‏ في الوقت نفسه، شعر سامح وهو الابن الثاني لعائلة سلطان بالارتياح التام عندما رأى سالي. "إذا لم أتمكن من العثور عليها، كان سامي سيقطع رأسي"‏ قلق سامح عندها رأى الفتاة مع شخص غريب، واقترب ليحملها، إلا أنه تجمد عندما سمعها تهمس " أمي".‏ فلم يستطع سامح أن يصدق أذنيه، انحنى ووضع يده على كتف سالي.‏ "ماذا قلتِ للتو؟ هل يمكنكِ تكرار ذلك؟"‏ عندما رأت الفتاه أنه جاء من أجلها، أشارت الفتاة إلى سارة. 

"أم... أمي..."‏ تابع سامح اتجاه إصبعها فرأى وجهًا عاديًا مليئًا بالنمش.‏ يا إلهي؟ هل تُسمين هذه المرأة والدتكِ؟‏ ثم خرج من حالة الذهول، وسألها: " ماذا فعلتِ لسالي؟"‏ "يجب أن تكون والدها فكيف تجرؤ أنت وتسألني؟" وهي لا تزال تعتقد أن الفتاة تشعر بعدم الأمان، ولم يكن بوسعها إلا أن قالت: "لماذا لا تُقدِّر هذه الفتاة اللطيفة؟ من الواضح أنها قد عاشت حياة صعبة حتى تخاطبني كأمها."‏ كان سامح مندهشًا مرة أخرى: "هل نادتكِ بأمها؟"‏ نظرت سارة له وقالت: "ومن الذي ستدعوه بأمها؟ أنت؟"‏ أصبح سامح عاجزًا عن الكلام بسبب تعليقها.‏ 

استغرق الأمر عدة تأكيدات له حتى يتمكن أخيرًا من التخلص من شكوكه. " اسمحوا لي بأن أعرفكم بنفسي، أنا سامح سلطان عم سالي، لقد فوجئتُ جدًا الآن لأنها تعاني من فقدان النطق منذ الطفولة ولم تتحدث إلى أي شخص أبدًا"‏ وبمجرد أن سمعت سارة ذلك، شعرت بالرهبة تجاه الفتاة.‏ "هل يمكننا الوثوق به يا سالي؟"‏ أومأت الفتاة الصغيرة رأسها.‏ "هل صحيح أنكِ تعانين من فقدان النطق يا سالي؟"‏ تلقت إيماءةً أخرى ردًا على ذلك، فقالت سارة وهي تداعب رأس الفتاة الصغيرة: "بما أنه كان يبحث عنك، يجب أن تذهبي معه إلى المنزل." وبدون أن تثير ضجة، شاهدت سالي سارة وهي تبتعد مع هاني.‏ بينما كان سامح يوشك أن يسأل الفتاة الصغيرة كيف استطاعت فجأة  التحدث، نظر إليها بدون قصد وتفاجأ بما رآه منها.‏ فقد امتلأت عيون سالي بالدموع وهي تبكي في صمت.

إرسال تعليق

0 تعليقات